النهضة ليست تغييرًا للناس، بل استعادةٌ لإرادتهم: لماذا الإصلاح في العاقورة ليس فقط ممكنًا، بل حتميًّا؟

كثيرًا ما يُقال لنا:” لكن أهل العاقورة ليسوا مستعدّين للتغيير.” هذه ليست مجرّد جملة، بل سلاحٌ نفسيّ خطير يُستخدم لإدامة حالة الخضوع والخوف، ولإيهام الناس بأنّ أي محاولة لإصلاح النظام محكومةٌ بالفشل مسبقًا.

لكن لنطرح السؤال الحقيقي: هل نحن هنا لنُغيّر أهل العاقورة؟ الجواب قاطعٌ: لا، ولن نفعل.

نحن هنا لأنّنا نحب العاقورة ونؤمن بعظمة رجالها ونسائها على حدّ سواء. لا يمكن أن تكون هناك عاقورة بدون أهلها، ولا يمكن أن يكون هناك إصلاحٌ حقيقي يبدأ من محاولة “تغييرهم.” بل على العكس، نحن نريد فقط أن يدرك كلّ فرد وكلّ أسرة الحقيقة، ويتملّكهم الشجاعة لمواجهة الواقع.

نحن لا نطلب من أحد أن يصبح شخصًا آخر، بل أن يعي أنّه منذ البداية كان جزءًا من الأكثرية الشريفة، القوية، الأمينة، والصادقة.

إدراك الحقيقة: نحن الأكثرية، وللأكثرية القدرة على الفعل

لطالما جرى تصوير الوضع وكأنّ الفساد هو القاعدة، والنزاهة استثناء، لكن هذه كذبة. الحقيقة أنّ أغلب رجال ونساء العاقورة شرفاء، يرفضون الظلم، يريدون الخير لبلدتهم، ويحلمون بحكمٍ عادلٍ ومنصف.

لكنّ المشكلة أنّ هذه الأكثريّة تشعر بالضعف لأنّها مشتّتة، كلّ فردٍ فيها يظنّ أنّه وحده في معركته ضدّ الفساد.

لكن تخيّلوا لو أدركت كلّ امرأة ورجل، كلّ شاب وشابة، أنّهم ليسوا وحدهم، بل جزءٌ من قوّةٍ حقيقيّة تستطيع أن تحسم الانتخابات، وأن تفرض النظام، وأن تُعيد الأمور إلى نصابها.

لا تحتاج الأكثرية إلّا إلى أن تستعيد شجاعتها، عندها لن يكون للفساد مكانٌ ليختبئ فيه.

الفساد ليس قدرًا، بل نتيجة غياب المحاسبة: كيف نبني نظامًا يضيّق الخناق على الفاسدين؟

الفساد ليس قوّة، بل فراغ. هو ليس نتاج ذكاءٍ أو تخطيطٍ عظيم، بل ببساطة نتيجة غياب المحاسبة.

ولهذا، الحلّ الذي نقدّمه ليس في تغيير الناس، بل في تغيير النظام نفسه، بحيث لا يترك للفاسدين أيّ مجالٍ للالتفاف.

ماذا يعني ذلك عمليًا؟

ببساطة، إغلاق كلّ الثغرات منذ البداية:

كلّ مرشّحٍ ضمن مبادرتنا سيُسأل علنًا:

هل تقسم على الإنجيل بأن تلتزم بالشفافية المطلقة؟ هل توقّع تعهّدًا قانونيًا يلزمك بمحاسبةٍ مالية مدمّرة إن خنت الأمانة؟ هل توافق على نشر تقاريرك المالية كلّ ثلاثة أشهر عبر منصّةٍ رقميّة مفتوحة للناس؟ هل تتعهّد بتنفيذ القرارات التنفيذية خلال الأشهر الستّة الأولى، أو البدء فورًا بالدراسات والخطط لتفعيل المشاريع؟

إذا لم يكن جوابه نعم، فهو خارج السباق من البداية.

هكذا، لا نترك أيّ مجالٍ للفساد قبل أن يبدأ. إمّا الالتزام المطلق بالنزاهة، أو الفشل في الترشّح من الأساس.

إذا بدأ النظام قويًّا، وإذا التزمت القيادة بأعلى معايير الشفافية، فأين يمكن للفاسدين أن يختبئوا؟ كم يبقى لهم من المساحة للمراوغة؟

كسر هالة القوّة الزائفة: الفاسدون ليسوا أقوى، بل ببساطة لم يُحاسَبوا يومًا

هل الفاسدون أقوياء؟ أم أنّهم فقط لم يواجهوا يومًا نظامًا يفرض عليهم القانون؟

الحقيقة أنّ الفاسدين ليسوا أصحاب سلطةٍ حقيقية، بل مجرّد أشخاصٍ استفادوا من غياب الشفافية، وخلقوا حول أنفسهم هالةً كاذبة من الهيمنة، فيما هم في الواقع لا شيء دون النظام الذي حماهم من المساءلة.

لكن حين يصبح النظام شفافًا بالكامل، تُفرض القوانين عليهم كما تُفرض على غيرهم، تُفتح الحسابات أمام الناس، ويُحاسَب كلّ مسؤولٍ على قراراته، فلن يبقى لهم مكانٌ للاختباء.

وليس هذا فقط، بل إنّ الشفافية المطلقة لا تفضح الفاسدين فقط، بل تحمي أيضًا الأبرياء من الاتهامات الباطلة.

دور الناس في التغيير: الشجاعة ليست خيارًا، بل واجبٌ على الأكثريّة الصالحة

لا أحد يطلب منكِ أو منك أن تتغيّرا.

نطلب فقط أن تدركوا الحقيقة: أنتم جزءٌ من الأكثريّة الصالحة، وهذه الأكثريّة يمكنها أن تحسم الأمور إن امتلكت الشجاعة الكافية.

تخيّلوا لو أنّ كلّ امرأة وكلّ رجل في العاقورة قرّروا أن يصوّتوا بشجاعة، أن يرفضوا التهديدات، أن يرفضوا الرضوخ لحجج الخوف.

عندها، سينتهي الفساد فورًا، ليس لأنّ الفاسدين اختفوا، بل لأنّهم خسروا سلطتهم المصطنعة التي لم تكن قائمةً إلّا على تفرّق الناس وخوفهم.

تحلّوا بالشجاعة، فأنتم الأكثرية، وبأيديكم القرار

تحلّوا بالشجاعة، صوّتوا للأشخاص المناسبين، وألزموهم بحكم القانون منذ اللحظة الأولى. عندها، سيُصبح القانون ملزمًا للبلدة بأكملها، ومن تلك اللحظة، يبدأ الإصلاح، وتبدأ النهضة.

الإصلاح ليس حلمًا ولا مجرّد أمل، بل قرارٌ سياسيّ وقانونيّ واضح، متى ما اتّخذتموه، أصبح واقعًا لا مفرّ منه.

الفساد ليس أقوى منكم، بل استمدّ قوّته من خوفكم. حين يزول هذا الخوف، يزول الفساد.

اليوم، القرار بين أيديكم. فإمّا أن تتركوا الأمور كما هي، وإمّا أن تستعيدوا إرادتكم، شجاعتكم، وحقّكم في بناء العاقورة التي تستحقّونها.

آمنوا بأنّ نهضة العاقورة ليست فقط ممكنة—بل هي قادمة لا محالة، لأنّكم أنتم من سيصنعها.

Previous
Previous

لا ترشّح حصري بل يدٌ ممدودة وتعاونٌ مفتوح

Next
Next

قانون المخاتير والمجالس الاختيارية